الخميس، 24 مارس 2016

هل يفرق بين الرجل والمرأة في الإسلام؟

كتب / د محمد سعدي 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فإن الله تعالى ساوى بين الرجل والمرأة في أصل التكليف الشرعي، ووعد الله من أحسن منهما بالجنة، قال تعالى:" مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [النحل/97] وخطاب الله تعالى في القرآن للرجل هو خطاب يشمل المرأة أيضا إلا ما خصص، فالتكاليف الشرعية واحدة في حق الجميع ولكن بالنسبة للأحكام الشرعية سنجد أن معظم أحكام الشرع مطالب بها الرجل والمرأة، فالمرأة تتوضأ مثل الرجل، وتصلي وتصوم وتزكي وتحج ..إلخ ولكن هناك أحكام شرعية يختص بها الرجل نظرا لطبيعة المرأة.
 وهناك أحكام شرعية تختص بها المرأة نظرا لطبيعتها، وهذه التفرقة في الأحكام مردها الاختلاف الطبعي الذي أودعه الله في كل من الرجل والمرأة، وهذا الاختلاف بين الجنسين هو اختلاف تكامل فالمرأة تكمل الرجل، والرجل يكمل المرأة. فمن الأحكام التي خص بها الرجل النفقة لأن طبيعة الرجل الجسمانية تؤهله لأن يكون هو العائل لأسرته، ودليله من الكتاب قوله تعالى:لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [الطلاق:7].
 ودليل السنة قوله صلى الله عليه وسلم: ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. ومن أجل أن النفقة واجبة عليه لا عليها كان حظه في الميراث في بعض الحالات أعلى من حقها قال تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء/11] وإن كانت بعض الحالات ترث المرأة فيه مثل الرجل وذلك مثل إذا توفى رجل وترك أماً و أباً و ابناً فإن الأم والأب كل منهما يأخذ السدس، وأحيانا ترث المرأة نصيبا أعلى من الرجل مثال ذلك إذا توفت المرأة و تركت زوجاً و بنتاً فإنَّ البنت ترث النصف و والدها يرث الربع فقط. ومما يختص به الرجل القوامة قال تعالى الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ" [النساء/34] والآية ذكرت سبب كون القوامة للرجل ورجعته إلى سببين الأول وهبي مأخوذ من قوله تعالى:( بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) فالله تعالى فضَّل الذكر على الأنثى والتفضيل سنة إلهية في الكون فقد فضَّل الله بعض الشهور على بعض، وفضل بعض الأيام على بعض، كما فضَّل بعض الملائكة على بعض، وفضَّل أيضا بعض المرسلين على بعض، قال تعالى:" تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ" [البقرة/253] 
وهناك فارق بين تفضيل الجنس وتفضيل جميع الأفراد، فالآية قد فضلت جنس الرجل على جنس المرأة، أما تفضيل جميع الرجال على النساء فلا فقد تفوق امرأة واحدة الرجال.
 وقد تسبق فتاة الرجال في العلم والأدب والأخلاق. وفي هذا يقول المتنبي: فلو كان النساء كمن ذكرنا لفضلت النساء على الرجال .
أما السبب الثاني فهو كسبي، يعود إلى الرجل لأن الله أناط به الإنفاق على الأسرة، وهو المقصود من قوله تعالى:(وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) وقد قال تعالى أيضا: وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة/228] ومن الأحكام التي يختص بها الرجل الولاية العامة، وإباحة الزواج بأكثر من واحدة حتى أربع نسوة، وأن الطلاق يكون بيده لا بيد المرأة، وأنه يباح له الزواج بكتابية، وأن يسافر منفردا وأن الجهاد قد كتب عليه لا عليها، وكل هذه الأمور عائدة إلى أن الله تعالى خلق الذكر قويا خشنا يتحمل، ومن الأحكام التي تناسب المرأة لرقتها إباحة الذهب والحرير لها بخلاف الرجل فإنه يحرم عليه لبس الذهب والحرير، وأن صلاتها في بيتها خير لها، ولما خلق الله عليه المرأة من الأنوثة أمرها بأن تغطي سائر جسدها عدا الوجه والكفين، قال تعالى:" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الأحزاب/59] أماعورة الرجل فهي ما بين السرة إلى الركبة عورة، ومما تختص به المرأة من أحكام عائدة إلى أنوثتها أنها تترك الصلاة والصيام أيام عادتها الشهرية فتقضي أيام الصوم، ولا تقضي أيام الصلاة، ولحاجة جنينها لها وكذلك الرضيع أباح لها الشرع ترك الصوم إذا اقتضت الحاجة لمصلحة صغيرها، ولما أودعه الله قلب المرأة من حنان وعاطفة، وسيطرة العاطفة على جنس النساء كانت شهادتهن في الأموال نصف شهادة الرجل، وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى [البقرة/282] 
ويذكر الشيخ محمد عبده السبب في ذلك قائلا: 
المرأة ليس من شأنها الاشتغال بالمعاملات المالية ونحوها من المعاوضات، فلذلك تكون ذاكرتها فيها ضعيفة ولا تكون كذلك في الأمور المنزلية التي هي شغلها ، فإنها فيها أقوى ذاكرة من الرجل ، يعني أن من طبع البشر ذكرانا وإناثا أن يقوى تذكرهم للأمور التي تهمهم ويكثر اشتغالهم بها ، ولا ينافي ذلك اشتغال بعض نساء الأجانب في هذا العصر بالأعمال المالية فإنه قليل لا يعول عليه ، والأحكام العامة إنما تناط بالأكثر في الأشياء وبالأصل فيها. اهـ وعلى هذا فيمكننا القول بأن الله أعطى كل جنس أحكامه الخاصة التي تليق به وبما أودعه الله فيه من طاقات وصدق من قال: "أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" [الملك/14] 

والله أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق